روبيرت خوري : اكتشفت السرطان بمحض الصدفة
روبيرت خوري لبناني قدم إلى الدوحة منذ عام 2005 يعمل في مجال الإعلانات وتنظيم المعارض لا ينسى اليوم الذي شخصت حالته بسرطان الكلى في 29 أبريل 2019. وكانت المفاجأة الصادمة له اكتشاف إصابته بالسرطان ، فهو رياضي ويشارك في المنافسات بانتظام.
يروي روبرت رحلته مع المرض قائلاً ” كنت محظوظًا أن اكتشفت السرطان مبكراً، في المرحلة الأولى كنت ذاهبًا إلى عُمان للتنافس في سباق الترياتلون وذهبت إلى المستشفى لإجراء فحص طبي لعلة ما في معدتي، ولحسن الحظ، استطاع الطبيب تشخيص وجود مشكلة في كليتي لذلك أخضعني للفحص بالموجات فوق الصوتية والأشعة المقطعية، واكتشف ورمًا بطول 4 سنتيمترات في كليتي اليسرى، وهكذا اكتشفنا ذلك، بمحض الصدفة.
كنت في غاية الاندهاش بوجود سرطان، حيث أتمتع بصحة جيدة وكوني رياضياً. لذلك عند زيارتي إلى رئيس جراحة المسالك البولية في المستشفى، أخبرني أنهم وجدوا ورمًا، أول ما تبادر إلى ذهني هو: “كيف يحدث ذلك؟ لا أتعاطى الكحول، وأتناول طعامًا صحيًا، أستيقظ في الصباح، وأمارس الرياضة، واتبع دائمًا نظاماً غذائياً. “فكيف أكون بين عشية وضحاها مريضاً بالسرطان؟ كان أمراً لا يصدق ولا يتخيله عقل، ولكن لا بد من التعايش معه، فأنا أمارس رياضة الترياتلون، واحدة من أصعب الألعاب الرياضية، وتحتاج إلى لياقة عالية، ساعدتني لياقتي البدنية في التغلب على مرض السرطان في معركتي معه.
رحلة العلاج
تعافيت حالياً من السرطان وأمضيت سنتين من العلاج والمتابعة. آملاً أن تنقضي هذه المرحلة. وما يدعو للدهشة أنني لم أعاني من أي أعراض سلبية – في اليوم التالي بعد تشخيصي، ذهبت للسباحة. ولم أشعر بأي شيء – حتى اختبار البول كان خالياً بنسبة 98٪ واستمريت في حياتي بشكل طبيعي حتى أزالوا الورم. لم أخضع لأي علاج كيميائي. كنت أعاني بعض الألم في ظهري لأنني خضعت لعملية جراحية روبوتية، وانحنى جسدي أثناء العملية، لكنني أتابع الأمر مع الأطباء بشأن آلام الظهر.
كنت على دراية بالخدمات التي تقدمها الجمعية القطرية للسرطان – فقد دعوني مرة واحدة لحضور مؤتمر حول سرطان الدم. كانت هذه المرة الأولى التي أحضر فيها مثل هذا المؤتمر وكان مفيدًا جدًا، وأتمنى حضور مؤتمرات مماثلة في الجمعية. عندما تعرف شيئًا ما، فأنت أفضل حالًا كونك على دراية بما هو متوقع وما عليك فعله.
دعم أسرتي
بطبيعتي أتمتع بروح المقاتل – ولكن ما يؤرق مضجعي ويضعني في حيرة من أمري أن لديّ طفل صغير. ماذا سيحدث له؟ هذا خوفي الوحيد. لكن بعد إجراء العملية الجراحية، أشعر أنني بحالة طبيعية ولم تعد المشكلة الرئيسية الآن، إنها مجرد مشكلة بسيطة، أواصل حياتي كالمعتاد. غدا سأقوم برحلة طويلة 100 كيلومتر حيث لا أشعر في الواقع أنني مريض. استمر في حياتي يوماً تلو الأخر وأذكر زوجتي دائمًا “لا داعي للقلق”. كانت زوجتي داعمي الأكبر، لم تقل “كيف ولماذا؟ ولكنها قالت اذهب فقاتل فإني معك مقاتلة، أخبرتها على الرغم من مرضي، إلا أنني ناجٍ ولازلت بخير. فلا أحد يعلم متى سيأتيه أجله- ربما تصدمني سيارة أثناء عبوري الطريق، فهذا أمر لا يعلمه إلا الله. لذا ليست مشكلة كبيرة؛ إنه شيء ما يا زوجتي وعلي التركيز عليه وقتاله.
لازال ابني يافعاً يبلغ من العمر سنتين، لذلك لا يعلم بشأن السرطان، وحبى الله زوجتي بإيمان راسخ، فعندما أخبرتها بشأن السرطان، قالت أننا مؤمنون وسنتضرع إلى الله بالشفاء وهذا ما نملكه وسنقاتل معاً. ولم تعد تسألني كيف أشعر، طالما تراني أركب دراجتي وأمارس السباحة، لم يقع شيء غريب أو تغير شيء في حياتي وهذا ما منحها الراحة والسكينة. وعندما أعود من عند الطبيب، تسألني زوجتي فقط عما إذا كانت النتائج إيجابية أم سلبية، فأجيبها أنها إيجابية، فلا تجذع ولكن يرتسم وجهها ابتسامة رضا بقضاء الله وكأن الأمور على ما يرام.
لديّ صديقة تعيش في قطر ، وهي رياضية أيضاً، وشخصت مصابة بالسرطان العام الماضي ذهبت إلى مؤسسة حمد الطبية وخضعت للعلاج وأول ما سألتها عنه أين توصيني بالعلاج؟ كان ردها أذهب إلى مستشفى حمد. و هذا ما حدث وفي الواقع، كانت هذه المرة الأولى التي أذهب فيها إلى أي مستشفى حكومي، وقد دخلت إليها وخرجت منها دون أي مشاكل. كان الأمر مثاليًا، تقدم هناك خدمة خمس نجوم.
عندما علم بعض أصدقائي بإصابتي بالسرطان، شعروا بأسف شديد حيالي، وسألتهم: ‘لماذا أنت آسف؟ إنه سرطان، مجرد مرض. إما أن تقتله أو يقتلك. إنه أمر طبيعي كأي شيء في العالم. “تجنبت جميع مع كان يظهر شفقةً لي، تجنبتهم لأنهم لا يفهمون ما يجري معي وأشعر أنني بحالة جيدة بنسبة 100٪. أما بالنسبة لعائلتي، فقد تلقيت دعماً كبيراً وصادقاً منهم. أختي التي تعمل عالمة في الولايات المتحدة، قالت” عليك فقط قتال هذا وسنرى في النهاية من سيفوز.” وأخي مهندس قال لي: “لا تقلق، نحن معك، كل ما تحتاجه طوع أمرك، هذه عائلتي.
أشغل في عملي منصباً إدارياً ولا يؤثر عملي بشكل مباشر على طريقة عمل الفريق، وعندما تم تشخيصي، دعمتني الإدارة بشكل كبير؛ قالوا “خذ الوقت الذي تريده، كل ما تحتاجه”. كنت ذاهب في عطلة في الأول من يونيو (كان مخططاً لإجازتي في أبريل قبل تشخيص مرضي)، لذلك أثناء العملية، كنت بالفعل في إجازة. أخبرني طبيبي أنني بحاجة إلى شهر للتعافي، لكن بعد 3 أسابيع شعرت بالملل حقًا في المنزل وأخبرت الطبيب أنني بحاجة إلى العودة إلى العمل، فأجاب يمكنك ذلك فأنت بخير. لم يكن ثمة مشاكل في العمل. لم يكن ثمة تعب. ، عانيت فقط من بعض الآلام أسفل الظهر ، وهذا أمر طبيعي لأن جسدي كان ينحني أثناء العملية.
عند مراجعتي قسم جراحة المسالك البولية لإجراء العملية الجراحية، أعطاني الطبيب خيارين حول نوع العملية التي أريدها، واخترت العملية الآلية، قلت لهم “اسمعوا، أنا لست ملماً بالشؤون الطبية، وليس لدي خبرة مع السرطان، لذا فأنا اعتمد عليكم”. وأخبرتهم أنني لا أريد أن أستمع إلى خياراتهم. جئت إليهم لأنني وثقت بهم: اختر انت الأفضل وسأتبعك، كانت هناك ممرضة وكانت تتحدث معي طوال الوقت وقالت لديك شخصية قوية للغاية، لأنني لم أسمح لها بمساعدتي، كنت إيجابيًا للغاية، واستوعبت الموقف وأردت إنهاء العلاج.
أكثر تقديراً للحياة
بعد هذه التجربة، أصبحت أكثر تقديراً للحياة. أستيقظ كل يوم شاكراً وحامداً لله أنني لا أزال بصحة جيدة. يساورني الخوف أنه رغم العلاج، إلا أنك لا تعلم إن كان سيعاودك المرض أم لا. لذلك لا يبارحني سؤال، هل سيأتي مرة أخرى أم لا؟ وفي كل يوم أستيقظ وأشكر الله على الصحة والشفاء وأنه يمكنني تربية طفلي – دائما أشكر الله على الشفاء حتى أراه يكبر. أقدر الوقت مع عائلتي والحياة. في السابق، كنت أذهب للتدريب كل يوم، والآن أفكر مرتين قبل الذهاب للتدريب لأنني أحتاج لقضاء بعض الوقت مع ابني. لذلك فهذا شيء إيجابي تعلمته. لن أتنافس كما كان من قبل، لكنني سأكافح. اعتدت أن يكون لدي بعض المنافسين، الآن ليس لدي سوى منافس واحد، هو نفسي، وأنا سعيد بالموقف طالما أنني تجاوزت خط النهاية وقضاء بعض الوقت مع عائلتي، فهو أمر بالغ الأهمية، حتى بالنسبة لتدريبي.
إذا قابلت مريضاً بالسرطان حديثًا، سأنصحه بعدم القلق بشأنه. لا ينبغي أن تقلق بشأن شيء لا يمكنك التحكم فيه. لا ينبغي أن ننظر إلى الوراء لأنك بحاجة إلى المضي قدما. فالنظر للوراء بالتأكيد السبيل الخطأ. كافح السرطان واستمر في حياتك. لا تضع السرطان عقبة أمام أحلامك وآمالك، ما عليك سوى اجتيازه، ومحاربته، وتعامل كأنه لم يكن، لأنك سواء استسلمت للخوف أم لا، فهو واقع عليك معايشته، إذا خضعت للعلاج فستشفى إن شاء الله،
نصيحتي للجميع ممن يكافحون السرطان، تعلق بالأمل ولا تلتفت للوراء، فالبكاء على اللبن المسكوب لا يفيد. عليك أن تعيش يومك وتستمر في الحياة، استمتع بالحياة وقدرها كما هي”.
يعتقد البعض أن المرض هو عقاب ما، ولكن من يعتقدون ذلك ضيقوا الأفق للغاية. قالت لي صديقة أخرى “كيف أصبت بالسرطان؟ فأخبرتها ” لعل تشخيصي المبكر بالمرض كان سبيلاً لخدمة أقدمها لغيري، فلماذا تركز كل اهتمامك على الجانب المظلم وليس المضيء؟
الاكتشاف المبكر أمر ضروري. فأواجه مشكلة مع زوجتي لحملها على الذهاب للفحص. قالت إنها خائفة إذا ذهبت لإجراء الاختبارات، فربما تكتشف إصابتها بالسرطان. أخبرتها من الأفضل أن يكتشفوا ذلك من أن لا تخضعي للاختبار وأنت تعانين من المرض بالفعل، سيكون حينها الأمر أكثر سوءً. لذلك فأنا أحاول إقناعها بالخضوع للاختبارات. ولدي حالياً أصدقاء سيخضعون للكشف عن السرطان كل ستة أشهر، لأنه لم يتخيل أحد أنني مصاب بالسرطان، فالجميع يعلم أنني رياضي، ولا أشرب الخمر، وأتناول أطعمة صحية، وغير ذلك. “إذا أصيب هذا الرجل بالسرطان، فعندئذ يمكن لأي شخص أخر أن يصاب به”.